Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
Forum civique et solidaire du peuple de Syrie
15 janvier 2012

سرطان بلاد الشام والعراق

                                                                                              

                                                                                               د . محمد الشمالي 

فرنسا 14 كانون ثاني 2012

 

 

سرطان بلاد الشام والعراق - الإنسان أولاٌ

 

أعرف الآن من  هو عدوي. وهذا العدو  سيقضي على أو سأقضي عليه “ هكذا قال  نجم  تلفزيوني فرنسي  عندما تلقى نبأ مرضه بالسرطان . لم يتردد الطبيب المعالج  لحظة واحدة في مواجهة مريضه  الشاب بحقيقه مرضه القاتل ولم يهرب  المريض أمام الحقيقة الصاعقة فسارع للإعلان  عنه أمام كاميرات  الصحافة وأفصح عن نيته وإصراره  على مقاومته وعدم الإستسلام أمام قسوته .أليس هذا مثل حي  في شجاعة الإنسان  و نبل وارتقاء وجوده وكرامتة؟.

ما هو السر وراء هذا الموقف الرجولي  الصريح القاطع كحد السيف ؟ أهي فلسفة الأبطال في الحياة ،أم  اسلوب  الحكماء في مواجهة غدرات الزمان ، أم طريقة واقعية وموضوعية في رؤية الأشياء والتعامل معها ؟ أم تحصيل حاصل    لموقف إنساني قلما نشاهده في سلوكيات  الفرد في المجتمعات العربية؟

الوضوح، الشفافية، الصدق، العقلانية،  كل  هذه المفاهيم  الأخلاقية تريد أن تقول لنا بقوة  وبأعلى الصوت عندما  نتعامل مع الأخر أو مع مشاكلنا اليومية  :يا أخي  بالله عليك. أرني الأشياء كما هي في الواقع و تحت الشمس . دعني أراها بالعين المجرده أو  تحت المجهر. قل ما تريد قوله لي  بكلمات كاملة لا بأ نصافها ، بدون خوف ولا كذب وبالتجرد عن الإعتبارات العاطفيه والشخصية كالعمر والجنس ولا تنس بأنني مثلك   إنسان يمكن أن يخطىء كما يمكن أن يصيب. إنسان ممكن أن يكره كما هو  ممكن أن يحب،  ولكن انسان قد                       وهبه الله قبل كل شيىء عقلا قد يزيد برجاحته عن عقل انسان آخر أو ينقص .

 

هذه الأخلاق العملية بكل ما تحمله من قيم إنسانية (و التي هي أصلا ليست غريبة  عن روح  الإسلام وعن مذاهبه العقلانية ) اصبحت منذ الثورة الفرنسية  (نهاية القرن الثامن عشر) القاعدة العريضة التي ترتكزعليها أسس التربية في المجتمعات الغربية. ولكن ها نحن في قلب القرن الحادي والعشرين ومازلنا نتعا يش بجبن وبانهزامية وباستسلام مع أمراض وسموم توارثناها عبر أجيال العار منذ صفين والجمل . هانحن في زمن تتسابق فيه الأمم لحمل رسالة الإنسان إلى سابع سماء ونحن بكل وقاحة وبكل غباء وبكل ما يدعو للتقيوء مازلنا نعلك ونلوش ونجتر  كالجمال قميص عثمان ومقتل الحسن والحسين( رضوان الله عليهم ) وكأن الله حكم علينا وعلى  مليون جيل من بعدنا   بحزن  أبدي وبعقل تحجر في جينيات   الإنتقام والحقد.

كل مجتمعات الكون كان لها في فترة من فترات وجودها  داحسها وغبرائها . ولكن نحن في الشام والعراق ستلاحقنا اللعنة الأبدية طالما بقينا أسيري نفوسنا المريضة . فالثورة على نظام سياسي أو على أوليغارشيا أو على عرش ملكي لاتعني بالضرورة  تغيير  الإنسان و تحرره لطالما الثائر هو من طينة الناس الذين  يثور عليهم ولطالما رضع معهم من نفس الثدي في نظرته للحياة  وفي رؤيته للإنسان وتبقى الثورة  مثلها  مثل أي انقلاب عسكري عابر( كالذين عودتنا عليهم الأحزاب  السياسية لما بعد الإستقلال)عندما تقتصر على تغييرمؤسساتي   سطحي . عندما لم تكن مسبوقة بثورة فكرية طويلة تصقل الجوهر وتنزع كل ما فسد من القيم  فالثورة تصبح في آثارها وديموميتها كنار الهشيم .

التغيير العمودي يبقى  بعيد المنال وحلما أبديا ( كم يصعب تحقيقه!) ما د منا    ضحية اعتبارات  و آليات  تبعدنا عن  مواجهة مشاكل وصراعات مذهبية وفكرية تصلبت وأصبحت  أكثر تعقيدا مع مرور الزمن . فالخوف من مواجهة الحقيقة و الإلتزام  بقوائم بلا نهاية من  المحظورات والمحرمات والمستورات والعورات  والأدبيات والمحاباة والعصبيات القبليات  والتأويلات والإسترسالات والتحيزات واللأمبالاة والإجتهادات على ضوء المذهبيات  والفتاوات والتخوينات والتكفيريات والسنيات والعلويات والدرزيات والسمعوليات والجعفريات والوهابيات والإتنى عشريات ...  والأفكار والأحكام المسبقة والأحكام الذاتية البعيدة عن أية فرضية علمية أو تجربة تاريخية  ...كل هذه الأمور تقذف بنا بعيدا عن القيم الإنسانية العقلانية  وتحول بيننا وبين طموحاتنا في بناء قاعدة متينة للمجتمع المدني المتحضر.

 

التخلف الفكري بكل ما يعكسه هذا التخلف من آثار هدامة للإنسان وقيمه الأخلاقية والإجتماعية ليس حتمية أو قدر مكتوب على شعوبنا .لقد فاض الإسلام علينا بدروسه في الإنسانية وبدأت الرسالة المحمدية  بكلمة “ إقرأ “ وجاءت “ عروسة القرآن”  سورة الرحمن لتسمو بالإنسان إلى أنبل صورة “ الرحمن خلق الإنسان علمه البيان... » .   فأغلب المجتمعات الغربية عرفت فترات  وقاست مما نسميه عصور الإنحطاط الدامسة والتي كان  من أبشع صورها ومخلفا تها التناحر الديني والطائفي. وعلى سبيل المثال لا الحصر يكفي أن أذكر مذابح السانت بارتيليمي التي ذهب ضحيتها في يوم واحد مئات البروتستانتيين على أيدي الكاثوليك في باريس 24 آب 1572 .

ولكن في  أيامنا هذه ومنذ أكثر من قرنين لم  يعد للدين أية  آثار سلبية على بنية  المجتمعات المدنية الحديثه ، ولم تعد تحزباته وتشرزماته القديمة مصدرا أو  أساسا  لأي صراع سياسي صغيرا  كان أم كبيرا. و حتى الإيديولوجيا الماركسبة التي يعتقد أتباعها  ان الدين ليس في جوهره إلا استلاب أو تمويت  للعقل وحاجز امام حركة التاريخ سقطت هي ومقولتها الشهيرة “ الدين أفيون الشعوب “ .

لنتذكر أنه يعيش   في اوروبا الآن أكثر من  ستة عشر مليونا من المسلمين . يقيم منهم ست مليون في فرنسا وحدها . إنهم يتمتعون  بنفس حقوق وواجبات الفرنسيين المسيحيين .أما اليهود في هذا البلد فهم  لايشكلون أكثر من 1/60 من مجموع السكان ومع ذلك فالرئيس الفرنسي الحالي هومن أصل  يهودي والرجل المرشح لخلافته هو  أ يضا من أصل  يهودي.

لوكان انتخاب رئيس الجمهورية أو أعضاء البرلمان في  فرنسا مبني حقيقة  على أسس عرقية أو على اساس الإنتماء الديني فإنه  لما استطاع أي مسلم أو أي  يهودي أن يحتل مقعدا حتى ولو  في مجلس بلدي لقرية صغيرة وذلك مهما كان مستواه العلمي والأخلاقي والفكري . في الغرب ، المرشح  الأوفر حظ في الفوز لرئاسة الجمهورية أولعضوية البرلمان هو الشخص الذي يستطيع  كسب تلاحم الجمهور وثقته و هو الشخص الذي يستطيع إ قناع الناخبين بأنه هو  الأفضل و هو  الرجل المناسب لحل مشاكلهم الإجتماعية والإقتصادية . لذلك هناك مصطلحات كثيرة وافكار مسبقه يتداولها خطأ وبدون دقة  الإعلام العربي عندما يدور البحث عن الغرب. فمصطلح اللوبي اليهودي ( أي النفوذالسياسي لليهود) ليس معروفا من قبل الفرنسي العادي  لأنه وبكل بساطة لايشكل  أية قاعدة  لأي خطاب سياسي  أو فكري في بلده.

ولكن هذا لايعني بأن أوروبا لا تخلو  تماما  من بعض النزعات العرقية أو الدينية وخاصة تحت تأثير وضغط البطالة والأزمات الإقتصادية . ولكن حتى ولو طفت مثل هذه النزعات على سطح المجتمع المدني الغربي فانها تبقى حالات معزولة وبدون أي تأثير يذكر على البنية الفكرية  الصلبة للمواطن، أو على الدولة و مؤسساتها المدنية والسياسية  . عندما تظهر  بعض  النزعات  الشوفينية  أوالدينية أو العرقية في بعض مجالات الحياة اليومية يتصدى لها المجتمع المدني  بقوة  مسلحا بكل قيمه  الديموقراطية  والإنسانية  ليحاربها ، ليهمشها، ويبطل مفعولها بشكل كامل.

  لن يحاربها  أو يهمشها  بالعنف أو بالقمع ولكن بقوة القانون الذي لايتنافى مع مبدىء الحرية الفردية بسبب شموليته ونزاهة تطبيقه. هذا القانون يتجدد كماء النهر ليجد في أية لحظة  جوابا لأي مشكلة لها علاقة من قريب أو من بعيد بالدين أو بالعرق. لذلك عندما منع المشرع الفرنسي-على سبيل المثال- ارتداء الحجاب في الأماكن العامة فإنه  لم  يقصد محاربة الإسلام   بل محاربة مظاهر التطرف والتعصب .

لم يُحاربُ الحجاب على الطريقة الوحشية الأسدية  (كالإنزال المباغت الذي قامت به  سرايا الدفاع (في السبعينيات) فى شوارع  دمشق  لإجبارالدمشقيات  على خلع أحجبتهن بقوة  سواعد رجال رفعت الأسد ببذاتهم المموهة   ولكن بدفع غرامة مالية مستحقة على كل امرأة مهما كانت ديانتها خالفت القانون بإخفاء معالم وجهها . فمحاربة المظاهرالإسلامية الخارجية المتطرفة ليست محاربة للمسلمين  من وجهة نظر المشرع أو القانون  الفرنسي  .وهذا الشىء    يبدو مقنعا    ومعقولا  عندما نكتشف أن  هنا ك في فرنسا بين 1500 إلى 1800 مسجد (حسب احصائيات وزارة الداخلية الفرنسية ) وأنه  في كل سوبرماركيت توجد  هناك  اجنحة خاصة لبيع لحوم الحلال( أي المذبوحه غلى الطريقة الإسلاميه)وأن كل مسلم يستطيع  الإ بتهاج برمضان و بيومي عيد الفطر وعيد الأضحى ...

اريد أن أقول إن الخوف من التطرف الديني لا يعني بالضرورة محاربة للدين ولكنه ينبع من سياسة احترازية  تهدف  قبل كل شىء إلى وقاية المجتمع من مخاطر الإنزلاق في دوامة الصراع الديني. وتبقى المشكلة الكبيرة  في مجتمعنا في كيفية تعريف التطرف و تحديد المظاهر والعادات والطقوس  التي   يمكنها تأجيج الشعور الديني أو استفزازه  . كما تكمن المشكلة أيضا في تحديد المعايير التي تسمح لنا بالحكم على نوعية الخطاب الديني  وفي معرفة متى وكيف ولماذا يخرج هذا الخطاب  عن جوهره الروحي ليصبح خطابا ساسيا

Publicité
Publicité
Commentaires
Forum civique et solidaire du peuple de Syrie
Publicité
Archives
Publicité